* اللواء اللبنانية
عد أن باتت واقعا في مجتمعنا، وفرضت نفسها كانسياب العادة، برزت رياضة كرة القدم النسائية في لبنان، وشهدت انتعاشا في السنوات الأخيرة، إذ بلغ الإهتمام بها أعلى مستوياته، غير أنّه ما زال هناك مَنْ له رأي سلبي حول هذه الرياضة، كونه يعتبرها حكرا على الرجال، وينعت من يمارسنها بـ«المسترجلات»، ما جعل الأهل يعارضون بناتهنّ في ممارسة هذه الرياضة وفقا للعادات والتقاليد، وخوفاً على أنوثتهنّ.
لتسليط الضوء على هذا الواقع التقت «اللواء» عددا من اللاعبات للوقوف على تجربتهن:
{ اللاعبة ماريا افتيموس (21 عاما) تلعب كرة القدم منذ أكثرمن خمسة عشر عاما، تقول: «بدأتُ حياتي مع كرة القدم منذ الصغر باللعب مع فريق كرة القدم للشباب لأنه لم يكن متوافرا فرق للفتيات آنذاك، إلى أن سافرت إلى أميركا وتدرّبت مع فريق خاص للفتيات، بعدها التحقت بنادٍ مختص ووصلت بفضل المدرّب وعناصر الفريق إلى نتائج عظيمة نفتخر بها كفريق كرة قدم للبنات».
وعن سبب نجاحها في هذه اللعبة تشير إلى أنّ «تشجيع الأهل ودعمهم سهّل عليَّ ممارسة اللعبة لفترة طويلة حتى الإحتراف، ما أوصلني إلى أحسن النتائج».
{ اللاعبة رنيم حرب (19 عاما) تقول: «عائلتي مهتمة بلعبة كرة القدم، ومنذ صغري أرغب بممارسة هذه اللعبة، لذلك ما إن أتممت الرابعة عشرة من عمري حتى بدأت بممارسة كرة القدم مع زملائي في المدرسة وبعدها في نادي مختص».
وعمّا إذا واجهت انتقادات خلال ممارستها للّعبة، تلفت حرب إلى أنها لم تواجه أياً من الانتقادات إلا أنها كانت أطول من زميلاتها، ما جعل البعض يشجعها على الإنتقال الى لعبة كرة السلة»، مؤكدة أنّه «لا فرق بين شاب أو فتاة، وبالتالي لا يوجد أي قانون أو قاعدة يحولان دون ممارسة الفتاة للعبة كرة القدم».
رأي الأهل
ولمعرفة كيفية تقبّل الأهالي لهذه اللعبة وتشجيع كريماتهن على ممارستها، أجرينا اللقاءات التالية:
{ رولا عبلة والدة رنيم حرب تشير إلى أنّها تشجع ابنتها وبقوّة لممارسة لعبة كرة القدم، أولاً لأنها عاشت هذه الأجواء في المنزل، فالكل يتكلم لغة واحدة، ما ساعدها على التعلّق باللعبة وبالتالي إعطاء نتيجة ممتازة خلال التنافس في المباريات، لافتة إلى أنّها لا ترفض هذا الموضوع ما دام ضمن الأخلاقيات لا بل على العكس فالإتجاه الى الرياضة مسلك مستحب في مجتمنا الذي يسوده الفساد والإنحراف، لكنها تعترض على أن تلعب ابنتها في مباراة يكون عناصرها من الجنسين خوفا على ابنتها أن تتأذى جسديا.
{ والد اللاعبة سامية سعد الدين المصري يصفها بـ«الشغوفة» بلعبة كرة القدم، ويقول: «بالطبع أشجع إبنتي لأنّني لا أرى أي فرق بين فريق الشباب وفريق الشابات، لذلك لا أعارض إبنتي في ممارسة كرة القدم، لأنّ الأمور مقبولة لدي، وطالما هي تريد ذلك فأنا أقف عند رغبتها، وألحظ أنّ هذه الرياضة فيها روح المساعدة والمساندة ومشوقة، وتوفّر للفتيات الثقة بالنفس واللياقة البدنية وتجعل أجسامهنّ صحية أكثر».
ماساكيان
لكن كيف هو واقع كرة القدم النسائية في لبنان؟ للإجابة على هذا السؤال التقت «اللواء» عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد كرة القدم ورئيس لجنة كرة القدم النسائية هامبيك ماساكيان، فكان الحوار الآتي:
{ كيف تصف لنا واقع كرة القدم النسائية؟
– «من الملاحظ تغيّر حال هذه الرياضة نحو الأفضل مما كانت عليه قبل عشر سنوات، وهذا لأنّنا نبذل قصارى جهدنا للترويج للعبة في لبنان من خلال تنظيم مسابقات وفعاليات كبيرة إضافة إلى الحملات وبرامج التطوير، لكن بالرغم من أنّ اللعبة تشهد تطوّرات كبيرة، إلا أن المجتمع لا يزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لاستغلال الإمكانات الحقيقية لكرة القدم للسيدات وتطويرها للتغلّب على التحديات الرئيسية التي تواجهها في تطوير كرة القدم للسيدات وتعزيز الفرص أمامهن داخل البساط الأخضر لإشراك عدد أكبر من اللاعبات ليكنّ على استعداد للمساعدة في خوض بطولات (إحترافية) مستدامة محلية وإقليمية، وذلك من أجل الإرتقاء المتواصل لجودة وتنظيم وتوسيع نطاق مسابقة كرة القدم للسيدات».
{ كيف تتابعون وتدعمون هذه الفرق الرياضة؟
– «هناك لجنة مؤلّفة من خمسة أعضاء تعمل بنشاط مستمر وتُعنى بكرة القدم النسائية، فمنذ أكثر من عشر سنوات يتابعون المسار على الأرض، وبدعم من الإتحاد، علما بأن هذه اللجنة مؤلفة من عدة محافظات وتتغير في كل فترة زمنية وفقا للظروف الإجتماعية والعائلية للأعضاء المنتسبين اليها».
جرادي
كذلك، التقينا رئيس الاكاديمية والمدير الفني لفريق نادي «أوبيريتوس» oberytus سعد جرادي الذي حدثنا عن تجربة الفريق ومدى تقبل المجتمع لهذه الرياضة.
{ كيف تصف لنا تجربتك مع فريق كرة القدم النسائية؟
– «برأيي إنّ كرة القدم النسائية أهم بكثير من كرة القدم لدى الذكور، فمنذ الإعلان عن نادي
oberytus (معناه أحفاد) بيروت لاحظنا إقبال الفتيات الكثيف على هذه اللعبة مع الإلتزام التام في مواعيد التدريب، إلا في حالات إستثنائية أي في فترة الإمتحانات أو في الحالة المرضية.
والجدير بالذكر أن الفريق قد توصّل الى نتائج جيدة جدا، وذلك بفضل عناصر ماهرة تعشق روح التنافس، حيث حصلنا على كأس السوبر للسيدات والمركز الثالث عن فئة الشابات تحت سن السابعة عشر وغيرها من الإنجازات، وهذا كله ليس إلا دليلا على شغفهنّ ورغبتهنّ في ممارسة هذه الرياضة. ومن الواضح تشجيع الأهل للفتيات عكس ما كان سائدا قبل زمن بإعتبار كرة القدم هي رياضة للذكور فقط.. وختاما أطلب من مشجعي كرة القدم متابعة ومواكبة ما يجري عالميا وإيلاء الإهتمام لطاقات الشابات، كما أناشد الإتحاد العمل أكثر لتطويرهذه الرياضة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق