* كتب - ريان الجدعاني
خرجت مؤخراً أخبار في
وسائل الإعلام الخليجية تفيد عن استعداد مستثمرين من السعودية ومصر لتأسيس شبكة
قنوات رياضية تحمل أسم (PBS SPORT)، حيث أوضحت تلك الوسائل أن الشبكة ستكون
منافسة شرسة لشبكة قنوات (beIN) القطرية في معركة الحصول على حقوق البث
للبطولات العالمية العملاقة مثل كأس العالم ودوري أبطال أوروبا والدوريات
الأوروبية الكبيرة كالإسباني والإيطالي والانجليزي.
في هذا المقال لن
أتحدث عن تلك الحقوق والتي أُشبعت طرحاً في جميع الوسائل الإعلامية والاجتماعية،
بل سأتطرق لموضوع بقي في زاوية التهميش منذ سنوات طويلة، زاوية لا يريد أي أحد
التطرق إليها، حتى أن الشبكات الرياضية الكبرى كالحالية (beIN) والمنقرضة كشبكتي (ART) و (Orbit) لم تتجرأ على الاقتراب من تلك الزاوية
المظلمة.
الزاوية المظلمة هي
الرياضة النسائية التي ظلت مهمشة إعلامياً منذ التسعينات إلى وقتنا الحالي، مهمشة
دون سبب مقنع من قبل الشبكات العملاقة الثلاث (Orbit + Art + beIN)
والتي كانت مطالبة بنشر الوعي الفكري والثقافي للمجتمع الرياضي في الأوطان
العربية، وعي حقيقي وغير مزيف يؤمن بالمساواة والاختلاف والتعدد الفكري.
فقد فشلت الشبكات
الثلاث في المساهمة مع الاتحادات الكروية داخل بعض البلدان العربية في بناء وتطوير
الرياضة النسائية، فالإعلام يعتبر شريك أساسي في تطوير قطاع الرياضة، إلا أن تلك
الشبكات لم تقم بالواجب تجاه الرياضة النسائية لتكون شعبيتها ضعيفة للغاية والذي
أسهم في ضعف المردود المالي على الأندية النسائية، لتجد الأندية صعوبة في نشر
ثقافة الرياضة النسائية في مجتمعها العربي.
الآن لا يمكننا الحكم
على الشبكة الرياضية الجديدة (PBS SPORT) والتي لم تعلن حتى الآن طبيعة فكرها وبرامجها،
لنكون في انتظار انطلاقتها الرسمية التي ستكون بعد شهر رمضان المبارك.
ولكن من المهم أن تكون
الشبكة الجديدة مختلفة كلياً عن الشبكات الثلاث من ناحية التعاطي
"المختلف" مع الرياضة، التعاطي معها كمنتج ثقافي وفكري قابل للتصدير
خارج النطاق العربي، فالرياضة تعتبر واجهة لثقافة وحضارة الأوطان والشعوب، ولم تعد
الرياضة مجرد فوز أو خسارة، أي على الشبكة أن تكون شبكة للفكر والثقافة وليست شبكة
لبث مباريات دوري أبطال أوروبا فقط.
فيكفي أن نعترف بأن
المشاهد العربي أصبح قادراً على مشاهدة مباريات كأس العالم دون أن يدفع دولاراً
واحداً عن طريق روابط الانترنت!، ليكون أمام الشبكة تحدٍ جديد وهو نشر ما لم تنشره
الشبكات السابقة من قبل.
لماذا نركز على
الرياضة النسائية في تقييم نجاح أو فشل مشروع الشبكة الرياضية الجديدة؟
الجواب بكل بساطة، يعتمد
نجاح وتطور الأوطان في مختلف المجالات (السياسة – الاقتصاد – الصحة – التعليم –
الرياضة) على الجنسين "الذكور والإناث" ليشكلا ذراعين قويين يحملان
الوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، وطبعاً مستحيل أن نجد دولة ناجحة تعتمد على ذراع
واحدة أي الرجل فقط، بدليل أننا نجد المنظومة الرياضية في أغلب الدول العربية
ضعيفة وغير فاعلة بسبب السير بذراع واحدة!
فالنهضة الرياضة، أو
أحب تسميتها بـ "الصحوة الرياضية"، تعتمد اعتماداً كلياً على تعاون
الجنسين في تنمية مفاصل الجسد الرياضي في منظومة الاتحادات الرياضية، لأن وجود
الجنسين داخل المنظومة الرياضية سيسهم في تبلور الكثير من الأفكار الجديدة
والإبداعية، لتسهم هذه الأفكار في تطور رياضة البلدان العربية، ونجاحات أمريكا
وبريطانيا والصين غير بعيدة عن موضوعنا.
من المهم أن نرى
الشبكة الجديدة (PBS
SPORT) تشكل فكراً جديداً في المجتمع الرياضي بالعالم العربي في حقل
الرياضة النسائية، بدعمها إعلامياً ومادياً أيضاً كتنظيم المسابقات والندوات التي
تهدف لتطويرها وانتشالها من الضعف، لكي تسهم بشكل كبير في تحرك دائرة المنظومة
الرياضية في الاتحادات العربية بالشكل السليم وتكون قادرة على الوصول إلى منصات
النجاح في البطولات العالمية.
والأهم من ذلك أن
تعتمد الشبكة الجديدة على ثلاثة مفاتيح لصناعة خطاب رياضي متطور تسهم في خلق وعي جديد
للمجتمع الرياضي العربي وهي: (المسؤولية الاجتماعية + الرياضة النسائية + ذوي
الاحتياجات الخاصة)، حيث يتم التركيز على الموضوعات الثلاث كنقطة انطلاق للشبكة،
وليس الاعتماد على بث مباريات البطولات الأوروبية فقط.
ختاماً،، أعتقد بأن
الشبكة الجديدة (PBS
SPORT) ستكون آخر قطار يمكن للشعوب العربية الركوب فيه والسير بثبات نحو
الوعي الرياضي "الحقيقي" بعد تحطم القطارات الثلاث السابقة، لأن لو فشل
القطار الجديد في تحقيق الوعي الحقيقي "لا سمح الله" فأن الشعوب لن تثق
بأي شبكة رياضية أخرى لأنه أشبه برصاصة الرحمة على المشاريع الإعلامية الرياضية
المقبلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق